دولة الرئيس....عجز الموازنة ...... فساد "مال وإدارة"
الدكتورثابت المومني
بداية.....أعتذر للأخوة القرّاء لطول هذه المقالة ...فلكل مقام مقال ...ولكل حادث حديث ،وعليه فانني اعتقد بأن هكذا موضوع لن تكفيه مقالة واحدة ، فالفساد " فن يبتكر" ويدرّس في ديوانيات وأوكار الشياطين .
فبعد مرور أقل من مائة يوم على تشكيل حكومتنا العتيدة، بدت وكأنها تلملم جراحها بعد عثرات متتالية أصابت مصداقيتها في الصميم ، فها هي تسعى لاهثة وراء تخفيف العجز في الموازنة والذي تجاوز المليار ونصف المليار من الدنانير كما أفادت بعض وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة، وعليه، فقد بدت هذه الحكومة تتخبط ببيانات وتصريحات لا نعرف فيما إذا كانت بالونات اختبار يقصد بها جسّ نبض " وردّ" فعل الشارع أم لا ، حيث بدأ بعض الوزراء بالإدلاء بتصريحات "دنجوانيّة جلّها ارتجالية" ما يلبث وأن يتراجع عنها بطريقة أو أخرى.
لم تكن بداية هذه الحكومة "بالمسك ولا بالعنبر" حيث لم يكن فساد وزارة الزراعة بالجديد، فهذا الفن من كسب المال مستشر منذ عقود مضت في العديد من دوائرنا الرسمية منها والشعبية، حيث تربّع خلالها الفاسدون على خزائن الوطن والمواطن وتملّك شحّاذ الماضي زمام المبادرة ليصبح بعضهم من أصحاب الملايين بعد سلسلة من عمليات سلب ونهب واختلاس وغسيل للأموال الحكومية بطرائق ملتوية مستوحاة من فكر شيطاني لئيم لتنتهي بعمليات "غسيل" لأموالهم المسروقة والمختلسة من دماء المواطن، ومن المؤسف أنه أصبحت لبعض هولاء الكلمة العليا في بعض مراكز القرار من خلال تأثيرهم على بعض ضعاف النفوس في دوائر عده.
لا نريد أن ننشر غسيلنا في وسائل إعلام لا ترحم ، ولا نريد أن نتهم شخصا بعينه ، ولا نستطيع أن ننعت الحكومة بالفاسدة بقدر ما نقول أنها " حكومة صامتة" على عمليات فساد ، فهي تعلم عن دهاليز هذا الفن من السلب الفكري والنفسي والمادي لحقوق المواطن من خلال اذرعها وأجهزتها بعكس المواطن البسيط والذي يعتمد في اتهامه للفاسدين من خلال وسائل إعلام موثوقة وغير موثوقة.
كم أنت مسكين أيها المواطن، فقد انتشر الفساد وتنوعت فنونه ، فمنها الفساد الإداري، والمالي، والسلوكي ولكل منها طرائقه ومنهجياته حتى أصبح هوامير الفساد أساتذة لهذا النوع من الفن القبيح يجمعهم ضعف الولاء وانعدام الانتماء.
إن تعاون مدير دائرة أو رئيس بلدية أو أي مسئول مع شخص أو مجموعة أشخاص لغايات التحايل في قضايا استملاك أو تنظيم أو عطاءات أو بدلات نفعية هو أبشع فنون الفساد... إن سوء الإنفاق الحكومي والبذخ غير المبرر في العديد من المجالات يعد ضربا من الفساد.... إن اقتطاع ضريبة من موظف بسيط لشراء سيارة لمسئول بخمسين أو مائة ألف دينار هو عين الفساد....إن كثرة عدد سيارات "الصالون والليموزين" الحكومية التي ستستخدم لسبب أو لغير سبب هو ضرب من الفساد...إن وجود أكثر من سيارة حكومية في عهدة وزير أو مسئول أو موظف هو ضرب من الفساد..أن فرض ضريبة إضافية على مكالمة الخليوي لغايات دعم الميزانية وترك رواتب "السوبر ستار مؤلفة الآلاف" على حالها هي "عملية قهر للمواطن"و تصنّف فنا من فنون الفساد.... إن جيشا من سيارات الأجهزة الأمنية يفوق عدد أفراد تلك الأجهزة "التي تستخدم لأغراض غير ضرورية" في كثير من الأحيان هي ضرب من الفساد وأن " كثرة" تعيين مستشارين في دوائر عدة لغايات إرضاء "هوامير الظلام "هو فن من فنون الفساد.
سيدي دولة الرئيس لن نستطيع ‘إحصاء ضروب الفساد في هذه العجالة، ولن نتهم أحدا بعينه بقدر ما أردنا تسليط الضوء على ما يجري من حولنا في أيامنا هذه ولكننا في الوقت نفسه يجب أن نعمل على جلد الذات ونقف أمام واقعنا المرير. لقد تفنن الفاسدون وتمادوا في فسقهم حتى استبيحت كل المحرمات ولم يعد الوطن لديهم سوى سلعة أو كعكة يريدون تقاسمها فيما بينهم بينما يجوب جلالة الملك بقاع الأرض ساعيا وجاهدا لكسب المزيد من النقاط الايجابية لصالح الوطن والمواطن وتحسين وضعه المادي والمعنوي.
إن المحزن المبكي في كل ذلك ، أن هولاء الفاسدين المفسدين هم أول من " يتغنى " بحب الوطن ولكن و في واقع الحال نجدهم أشد أعداء هذا الوطن من خلال إفسادهم لخطط الدولة التنموية ، فهم يسلبون لقمة عيشنا لأجل جيوبهم وهم يضحّون بمستقبلنا "كشعب ووطن "لأجل زيادة ثرواتهم.
دولة الرئيس
نحمد الله أن عدد الفاسدين في هذا الوطن هم "ثلة لا يتسعون لأكثر من حاوية قمامة رائحتها نتنة كرائحتهم" في مقابل شعب عزيز كريم جلّه من أصحاب ا لعزة والكرامة والشرف، الذين تأبى نفوسهم خيانة الملك والشعب والوطن حيث أن ولائهم وانتمائهم صادق لا شك فيه ولكن بعض الأمور التي تجاوزت الخطوط الحمراء جعلت هذا المواطن ينطق بكلمة، فلا يعقل أن نستثني الإنفاق الحكومي غير المبرر" من تغيير اثات وسيارات واستئجار بنايات وسفريات وموياومات ودورات خارجية ووفود ولجان وهمية وغير وهمية وعطاءآت في الظاهر والباطن وبيع بعض المؤسسات وغيرها من هذه الأمور" من فنون الفساد.
دولة الرئيس\ لقد كافح المغفور له جلالة الحسين طيب الله ثراه ليحمل الراية من بعده جلالة القائد المفدى عبدالله الثاني ابن الحسين وهم يجوبون العالم لتسويق الأردن سياسيا واقتصاديا وإعلاميا لأجل جلب المال والاستثمار إلى هذا الوطن وهم قد فعلوا.
إن جهود جلالته وسعيه لأجل أردن قوي مزدهر منيع ضد كل قوى الابتزاز العالمي تصطدم بمخططات الفاسدين وأفعالهم الذين يفكرون بالوطن على أساس انه سلعة تباع وتشترى وهم قلة ولكن مكرهم شديد.
دولة الرئيس
لقد تمادى هولاء في سلب مقدرات الوطن وعليه فانه على حكومتنا أن تبدأ بنفسها بمحاربة الفساد والفاسدين بتخفيف الإنفاق الحكومي و كشف الذمم المالية لكبار الموظفين من وزراء ومديرين ومستشارين وغيرهم وتوضيح طبيعة رواتبهم ومخصصاتهم وشركاتهم والحد من امتيازاتهم غير الضرورية من سيارات للبيت والمدرسة والنزهة وغيرها وفي المقابل على هذه الحكومة تعزيز المواطن والموظف البسيط ليبقى صامدا نصيرا للوطن والحكومة ضد أولئك الفاسدين المفسدين.
سيدي دولة الرئيس
على حكومتكم أن تكون حاسمة في ملفات الفساد وان تبتعد عن جمع فتات الدنانير من هنا وهناك، فعملية جني دينار عن كل معتمر تفرض على الشركات لن تحل مشكلة العجز كما أن فرض رسوم إضافية على البنزين والهواء والكلام "وإنجاب الأطفال" وحقنة الدم لن تحل مشكلة الموازنة... إن الموازنة تحتاج إلى مصداقية وصدق مع الذات، فمكافحة الفساد والمفسدين ستجني لنا أمولا طائلة ستسد عجز الموازنة وتدعم قوت المواطن البسيط وتدعم جيشنا العربي وكل مقومات حياتنا ولنا في الكثير من دول في العالم العبرة والمثل.
على حكومتنا أن تطوّر أدائها بعيدا عن البهرجة والقيل والقال... نحن في أردن ابا الحسين نريد أفعالا لا أقولا ولا نريد تصريحات من هذا الوزير أو ذاك ثم ما يلبث وأن يتراجع عنها ، وكل ما نريده الثبات في الكلمة والقرار المبني على أسس سليمة تنبع من مصلحة الوطن والمواطن ومن لا يستطيع أن يفعل فعلية أن يرحل"لبيته ويروي أشجاره المثمرة أو أن يتسلى بقصص ألف ليلة وليلة" لعله يرتاح ويريح.
دولة الرئيس
لقد أثبت الأردنيون بأنهم أصحاب كلمة وموقف...فقد تحمّل المواطن ما تحمله جبل أحد حيث الضرائب بشتى أشكالها تلاحقه حتى "القبر" ، وعلى الرغم من كل ذلك فإنني على يقين بان هذا المواطن قادر على تحمل المزيد والمزيد، شريطة أن يطال ذلك الشرائح المخملية "المحصنة من الملاحقة والمتابعة " في هذا الوطن......فلا يعقل ان تشد الأحزمة على بطون الفقراء وصغار الموظفين، بينما التبذير الحكومي ينتشر في كل مكان.
سيدي دولة الرئيس
إن ما تحدثت به هو غيض من فيض.....لقد وصل المواطن في "قوته اليومي" لخط احمر نتمنى أن لا يتم تجاوزه....كما أتمنى على بعض وزراء حكومتكم عدم " التبجح" بتصريحات لطالما يتراجعون عنها او يقومون بنفيها و لا تساعد في التغلب على أزمتنا الاقتصادية ولن تساعد على رأب الصدع بين المواطن والحكومة.
فحجب علاوات على موظف بسيط، وبيع بناية أو مؤسسة حكومية لن تعدّل من عجز الموازنة بشيء ولن تكون بأكثر من عمليات شبيهة ببيع شركات كالاتصالات والفوسفات وغيرها.... إنني على يقين بأن كل الأردنيين وبكافة شرائحهم ، هم مستعدون لعمليات جراحية تطال جيوبهم وقوتهم ورزقهم "لأجل مصلحة الوطن العليا" ولكن ليس لأجل تعبئة جيوب الفاسدين أينما كانوا، على دولة الرئيس أن ينفّذ ما جاء في خطاب التكليف السامي والدخول في صلب الأمور، ففرض ضريبة على الهواء وزيادة أسعار اسطوانة الغاز لن تجعل السماء تمطر ذهبا ودمتم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق